الرئيسية
أحدث الصور
التسجيل
[50%] 
يعود الناخب السوداني مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع بعد انقطاع استمر إثنين وعشرين عاماً كأطول فترة يغيب فيها الناخبون عن عملية الانتخاب أو ما يعرف بمارسة الحق الديمقراطي، منذ آخر ممارسة انتخابية في العام 7891، وبعد انقلاب عسكري قطع الطريق أمام الممارسة الديمقراطية في العام 9891م، تتجه الأنظار مرة أخرى الى تجربة ديمقراطية جديدة في العام القادم 9002م، مقدر لها أن تختلف عن سابقتها.. الناخب السوداني تأثر كثيراً بعملية الانقطاع في الممارسة الديمقراطية في ما عرف بالحلقة الشريرة حكم ديمقراطي، انقلاب عسكري، وهكذا. فهذه العملية حالت دون ترسيخ الديمقراطية كنظام في الحكم كما حالت دون ترسيخ قيم الديمقراطية. وفي الحقيقة دون أن تتحوّل الديمقراطية إلى سلوك وثقافة بمعنى طريقة حياة. والآن وبعد طول غياب عن هذه الممارسة فإن الساحة السياسية لا تشهد فقط لاعبين جدد في شكل قوى سياسية بل لاعبين جدد على مستوى الناخبين أطلقنا عليهم في هذا الاستطلاع صفة (الناخبين الجدد) من جيل لم يشارك في سابق الانتخابات ، كيف يفكّر هذا الجيل الجديد الذي تتفاوت أعماره في هذه العملية، كيف ينظر إليها، ماذا تعني له، ما هي مشاعره تجاهها؟ هذه الأسئلة دارت في أذهاننا ونحن نحمل أقلامنا وأوراقنا مستهدفين شريحة عشوائية تمثّل جيلاً من الشباب الجامعي والخريجين باعتبارهم شريحة نالت بفضل توفر ظروف جيدة قدراً من المعرفة والثقافة وإن كان بعض المثقفين يطلق عليهم صفة ابناء الشمولية باعتبار انهم قد تربوا وعاشوا في فترة الشمولية وبالتالي طبّعتهم بطابعها في طريقة التفكير والحياة ونظرتهم للأشياء. وبالطبع فات على هذا (البعض)، نظراً لفترات الديمقراطية القصيرة أنه لا يوجد جيل يمكن أن نطلق عليه صفة ابناء الديمقراطية وبالتالي هو حكم إطلاقي أو ربما هذا ما خرجنا به من خلال التفاوض مع هؤلاء الذين هم في معظمهم مِنْ مَنْ ينتسبون إلى تنظيمات سياسية من التنظيمات المعروفة في الجامعات السودانية أو من هم على علم ودراية بهذه التنظيمات وأفكارها من خلال الصداقات والمعرفة الشفاهية ومن خلال المواقع نفسه الذي يجبر -خاصة في مثل الأوضاع التي نعيشها- على التعاطي مع السياسة ورغم أن معظم الشباب الذي جلست إليهم يرحب بقيام الانتخابات كغاية مثلى نحو حكم ديمقراطي راشد، إلا أن منهم من ينظر بشىء من الريبة والشك حول نزاهتها. أموم دينق- الطالب بجامعة أعالي النيل، أعرب لي عن امنيته ان يحيط الاستقرار بالانتخابات القادمة وان تسير بطريقة ديمقراطية وقانونية وتشارك فيها كل القوى السياسية.. وطالب اموم بأن تكون الصحافة حرة ونزيهة في نقل المعلومات والحقائق المحيطة بها.. ورداً على سؤالي لاموم حول هل كان يعلم اصلاً بوجود انتخابات قال لي إنه يعلم أن الانتخابات كان من المفترض قيامها قبل 9002م، وفقاً لاتفاقية السلام ويبرر عدم قيامها بما يسميه بالسياسات الموجودة حالياً.. اما الطالبة رانيا مايكل بجامعة جوبا فهي الأخرى أكدت علمها بوجود انتخابات العام القادم وتطالب رانيا الجهة الفائزة أن تلبي رغبات الطلاب وتراعي الظروف التي يعانونها في الجامعات. وتتمنى رانيا فوز الحركة الشعبية باعتبارها تنظيماً يعمل لأجل كل الشعب السوداني. الهم الطلابي وكما عند رانيا فهو ايضاً حاضر في ذهن اسراء عثمان بجامعة النيلين والتي تتمنى ان يكون إصلاح أوضاع الطلاب والجامعات بنداً أساساً في برنامج الأحزاب والقوى السياسية. دارفور: مشكلة دارفور أخذت حيّزاً كبيراً في نقاشنا مع هؤلاء الشباب والطلاب من الناخبين الجدد.. فالطلاب بطرس بول بجامعة جوبا أكد على ضرورة مشاركة دارفور في الانتخابات عبر حل مشكلتها بشكل سريع ونهائي. وهذا ما ذهب اليه يحيى حمدان والذي يطالب في حالة عدم حل مشكلة دارفور بتعليق الانتخابات أو تأجيلها وأن تكون الانتخابات في حال قيامها على أساس التمثيل النسبي. أما الطالبة نون مصطفى فهي تتمنى أن ينجح الفائز في هذه الانتخابات في حل مشكلة إقليم دارفور وأن يعمل على إحداث تنمية سريعة وشاملة مع امنيتها بأن تجيء الانتخابات حرّة ونزيهة. مافيش جديد: النظرة التشاؤمية كانت غالبة في حديث ميرغني سليمان الطالب بقانون النيلين، حيث ذكر أنه كان لديه آمال في اتفاقية السلام في تغيير الواقع إلا أنها لم تفعل، مستبعداً حدوث أي تغيير يحدث، معلناً رغبته أن يكون مرشحاً للانتخابات القادمة. في نفس الاتجاه سار عبدالقادر مضوي وهو خريج قديم من جامعة ام درمان الإسلامية ويعاني من الإحباط بسبب العطالة ويقول إنه يشك في أن يحدث جديد على هذا الواقع، مبرراً ذلك بأن كل القوى السياسية لن تعمل في سبيل نجاحها في الانتخابات القادمة إلا على بذل الوعود دون أن تحقق منها شيئاً وينضم إليه في ذلك خليفة عثمان وهو الآخر خريج وعاطل عن العمل إلا أن خليفة يربط تحسن أوضاعه بإجراء انتخابات حرة ونزيهة تقود إلى حكم ديمقراطي حقيقي وبالتالي يصبح العمل -حسب خليفة- متاحاً لأصحاب الكفاءة وليس الولاء، بالقرب من المكان الذي كنا نجلس فيه بجامعة جوبا بالكدرو كان يجلس أستاذ في مجال الإعلام وهو أيضاً باعتبار السن من الناخبين الجدد فسألناه عن مدى اهتمام الطلاب بمسألة الانتخابات والحياة السياسية بصورة عامة خاصة وأن الكثيرين يعتقدون أن طلاب اليوم لا يهتمون لهذه المسائل، فقال نافياً: مؤكد أن الطلاب قبل أعوام بسيطة كانوا بالفعل لا يهتمون كثيراً بهذه المسائل وبشكل متعمد للإحباطات الكثيرة إلا أنهم اليوم صاروا يهتمون لأمر السياسة وهم على علم بما يجري... وهذا ما يؤكده خالد عبدالجبار الحائز على ماجستير في التاريخ عندما يقول إن الانتخابات لا تتم إلا في ظل استقرار الأوضاع الأمنية في المناطق التي يوجد بها نزاع، أما الطالب خليفة جمعة من منسوبي حزب الأمة فهو يأمل في انتخابات حرّة ونزيهة، مشككاً في نوايا المؤتمر الوطني في ذلك إلا أنه يتمنى نجاح العملية الانتخابية وسيرها بشكل جيّد وتنضم إليه طالبة الآداب عفاف، وطالب الجيلوجيا بجامعة النيلين، معظم الطلاب الذين جلسنا إليهم ذكروا أنهم شاركوا في انتخابات الجامعة وأنهم على وعي بضرورة الانتخابات.. جيل جديد في واقع جديد في تجربة جديدة، يتحدّث بلا حواجز ويفكّر بشكل مختلف ويؤمل في أن ترتفع القوى السياسية إلى مستوى طموحاته.
نقلا عن موقع صحيفة الصحافة
نقلا عن موقع صحيفة الصحافة
