الارشيف نقلا من سوانيذ ون لاين
كاتبه الجيلاني
مقتل القرشي
في ذكرى ثورة اكتوبر
وقع الحادث الذي روع الدنيا واقام القيامة على حكومة عبود في يوم الاربعاء 21 اكتوبر 1964 ، لقد اخترق رصاص الدكتاتورية العسكرية رأس المناضل الشهيد احمد القرشي. فهز مصرعه ضمير الامة السودانية ، وفجر البركان الذي كان ينتظر شرارة الاشتعال .. وعمت نيران الثورة ا رجاء البلاد.
التحضير لندوة 21اكتوبر
بعد منع الدكتاتورية لقيام ندوة يوم 10/10 قرر الطلاب التحضير الجاد لقيام ندوة يوم 21 اكتوبر، وفي سبيل انجاح الندوة عقد الطلاب مؤتمراً حضره مندوبو عديد من المعاهد والمدارس بالعاصمة واقر المؤتمر قيام الندوة وخطوات اخرى احتجاجاً على دخول البوليس حرم الجامعة والتعدي على حريتها .
وفي يوم الثلاثاء 20 اكتوبر عقد اجتماع عام لطلاب جامعة الخرطوم نوقشت فيه مسألة الندوة وكل الاحتمالات التي قد تترتب على قيامها رغم انف السلطات ، وقرر الطلاب اتخاذ العدة لمواجهة اي قوة يلجأ اليها البوليس.
ندوة 21 اكتوبر
في يوم الاربعاء 21 اكتوبر توافدت جموع الطلاب من داخلياتهم المختلفة الى مكان الندوة . قد كان الحزم بادئاً على وجوه الطلاب وهم مقدمون على مناقشة مشكلة الجنوب رغم انف الدكتاتورية العسكرية بدأت الندوة في ميعادها المحدد بالميدان الواقع بين داخليتي القاش وكسلا
البوليس يحاصر الجامعة
وفي لحظات حاصر البوليس حرم الجامعة واصدر احد الضباط اوامره لرئيس الاتحاد بفض الندوة ، ولكن الطلاب اصروا على استمرار ندوتهم وواصلو اجتماعهم دون ان يعبأوا بأوامر الضابط.
بدأ البوليس ينفذ اوامر استخدام القوة فامطر الطلاب بوابل من القنابل المسيلة للدموع ،انقضت الندوة والطلاب تحت سحب الدخان الخانق ، ولكن البوليس واصل رمي الطلاب بالقنابل بصورة انتقامية واضحة ، وهنا استيقظت في الطلاب حاسة الدفاع عن النفس فحاصروا البوليس في لحظات في ركن ضيق حتى نفذت قنابله . وفي هذا الوقت اطلق البوليس الرصاص على الطلبة فاصاب القرشي برصاصة قرب عينه اليمنى وخر صريعاً في الحال وكذلك اصاب الرصاص بابكر، واستمر الضرب حتى الساعة الحادية عشر وواصل البوليس حصاره للجامعة رغم سقوط القتلى الجرحى على الارض .
في المستشفى
كانت الجثة بالمستشفى وكان ابارو وجماعته يتآمرون لاخذها سراً بعيد عن اعين الناس املاً في اخفاء الجريمة . ولكن اثناء نقل الجثة لحجرة التبريد صحبها الاخ جعفر حسين من ابناء القراصة بعيون مفتوحة ، وقد جرت بينه وبين سائق الاسعاف معركة حقيقية عندما حاول السير بطريق اخر ، اجبر جعفر السائق على الوقوف واصطف الطلاب في صفين حتى حجرة التبريد ، واستمر الطلاب في مكانهم حتى اشرقت الشمس .
حضر ابارو الى المستشفى وانكر اطلاق الرصاص على الطلبة .. ولكن الطبيب اليوغسلافي كان قد استخرج الرصاصة من راس القرشي!
من الاسبتالية وحتى ميدان عبد المنعم حمل الطلاب واساتذة الجامعة وجمع من المواطنين نعش الشهيد ، ومر موكبهم الحزين الغامض بشارع الاسبتالية حتى كبري الحرية وهنا انضم للموكب مجموعات كبيرة من طلاب المدارس وواصل الموكب المهيب حتى ميدان عبد المنعم وكان الى جانب اساتذة الجامعة يسير في الموكب السادة:
الدكتور احمد السيد حمد ، الاستاذ عبد الخالق محجوب ، الدكتور عبد الحليم محمد ، الدكتور عز الدين علي عامر والدكتور طه بعشر ومجموعة من المحامين ورجال القانون .
الترابي يحاول تهدئة الناس !
بعد صلاة الجنازة تحدث الدكتور الترابي وطلب من الناس التزام الهدوء وان يتفرقوا بسلام بعد ان ادوا الواجب ولكن تناول احد اساتذة الجامعة المايكرفون من الدكتور الترابي واخذ يهتف "يسقط عبود .. تسقط الديكتاتورية العسكرية" متجاوباً مع هتاف الجماهير ، ومن هذه اللحظة بميدان عبد المنعم انطلقت المظاهرات في كل مكان حتى في الاقاليم والمدن على السواء.
مقتطفات من بيان الحزب الشيوعي في اليوم التالي لمقتل القرشي
قال بيان الحزب الشيوعي الموجه لاعضاء الحزب: بالامس اعتدت العصبة العسكرية الآثمة على طلبة جامعة الخرطوم بعد ان اعتقلت عدداً من قيادتهم – بطريقة وحشية لم تشهدها بلادنا حتى ابان عهد المستعمرين.
ويمضي البيان قائلاً: ان الاحداث تثبت ان البوليس هو الذي قام بالاستفزاز بل ان النظام الراهن بأسره هو الذي خلق جو الاستفزاز منذ اعتدائه على استقلال الجامعة.
وقال البيان: ايها الرفاق: على الرغم من تكتم العصبة الرجعية على الانباء فإن ما وصل منها كان كافياً ليهز ضمير شعبنا فخرجت الجموع تودع مساء اليوم الشهيد احمد قرشي .
واستطرد البيان: ان النظام العسكري يعيش هذه الايام اقسى ساعاته ولكي ننتقم لدماء شهدائنا يجب:
اولاً: ان نعبئ قوى حزبنا استنكاراً لمجزرة جامعة الخرطوم وان ندفع المواطنين- وفي طليعتهم- للاستنكار بشدة على ذلك .
ثانياً: ان نجعل من دماء شهدائنا طريقاً تعبر به الجماهير الثورية في سبيل الخلاص من هذا النظام الآثم وذلك بالعمل في كل مدينة وفي كل مصنع ومؤسسة لاتحاد القوى الديمقراطية في البلاد من طلبة ومزارعين ومثقفين بهدف العمل لازالة النظام الراهن.
ثالثاً: ان يجري التقاء عاجل بين مندوبي القوى الديمقراطية من طلاب ومزارعين ومثقفين في كل ارجاء بلادنا لتنظيم اضراب عام احتجاجاً على مجزرة جامعة الخرطوم ومطالباً بعقوبة جميع المسئولين وبانتهاء هذا النظام الرجعي البغيض. 22/10/1964
موكب القضائية واعلان الاضراب السياسي
في اليوم التالي لحوادث ميدان عبد المنعم حيث تفجرت المظاهرات الشعبية بعد الصلاة على جثة القرشي- تم اجتماع رهيب بالقضائية شمل القضاة والمحامين- تمخض الاجتماع عن عريضة هامة تطالب بالتحقيق في حوادث الجامعة وتحديد مسئولية اطلاق الرصاص على الطلبة ، وتطالب بالحريات الديمقراطية.
البوليس يعترض الموكب
تحرك الموكب من امام مبنى القضائية متجهاً نحو القصر.. وفي اثناء سيره اعترضه البوليس، وامر احد ضباط البوليس بتفريق الموكب ولكن تصدى له السيد عبد المجيد امام، قاضي المحكمة العليا وامره بالانصراف فانصاع ضابط البوليس للامر وواصل سيره للامام.
الجيش يعترض الموكب
وبعد خطوات كانت قوات من الجيش تسد الطريق امام الموكب وتمنعه من مواصلة سيره .
اجتماع حاسم بالقضائية
عاد القضاة والمحامون وعقدوا اجتماعاً بالقضائية ناقشوا فيه القضية من جديد وبسرعة توصلوا لقرارهم التاريخي بالدعوة للاضراب السياسي العام ودعوة كل الهيئات لتنفيذه للاطاحة بالنظام العسكري.
اعلان الاضراب السياسي
خرج المحامون والقضاة الى الشارع من جديد وكان يزدحم بالجماهير الثائرة .. ووسط هذه الحشود من الجماهير اعلن السيد نقيب المحامين عابدين اسماعيل ، قرار الاضراب السياسي العام فقابلته الجماهير بالهتاف والتصفيق ، وبذلك ا نتقل القرار الى الجماهير التي ترجمته الى عمل اطاح بنظام 17 نوفمبر البغيض
كاتبه الجيلاني
مقتل القرشي
في ذكرى ثورة اكتوبر
وقع الحادث الذي روع الدنيا واقام القيامة على حكومة عبود في يوم الاربعاء 21 اكتوبر 1964 ، لقد اخترق رصاص الدكتاتورية العسكرية رأس المناضل الشهيد احمد القرشي. فهز مصرعه ضمير الامة السودانية ، وفجر البركان الذي كان ينتظر شرارة الاشتعال .. وعمت نيران الثورة ا رجاء البلاد.
التحضير لندوة 21اكتوبر
بعد منع الدكتاتورية لقيام ندوة يوم 10/10 قرر الطلاب التحضير الجاد لقيام ندوة يوم 21 اكتوبر، وفي سبيل انجاح الندوة عقد الطلاب مؤتمراً حضره مندوبو عديد من المعاهد والمدارس بالعاصمة واقر المؤتمر قيام الندوة وخطوات اخرى احتجاجاً على دخول البوليس حرم الجامعة والتعدي على حريتها .
وفي يوم الثلاثاء 20 اكتوبر عقد اجتماع عام لطلاب جامعة الخرطوم نوقشت فيه مسألة الندوة وكل الاحتمالات التي قد تترتب على قيامها رغم انف السلطات ، وقرر الطلاب اتخاذ العدة لمواجهة اي قوة يلجأ اليها البوليس.
ندوة 21 اكتوبر
في يوم الاربعاء 21 اكتوبر توافدت جموع الطلاب من داخلياتهم المختلفة الى مكان الندوة . قد كان الحزم بادئاً على وجوه الطلاب وهم مقدمون على مناقشة مشكلة الجنوب رغم انف الدكتاتورية العسكرية بدأت الندوة في ميعادها المحدد بالميدان الواقع بين داخليتي القاش وكسلا
البوليس يحاصر الجامعة
وفي لحظات حاصر البوليس حرم الجامعة واصدر احد الضباط اوامره لرئيس الاتحاد بفض الندوة ، ولكن الطلاب اصروا على استمرار ندوتهم وواصلو اجتماعهم دون ان يعبأوا بأوامر الضابط.
بدأ البوليس ينفذ اوامر استخدام القوة فامطر الطلاب بوابل من القنابل المسيلة للدموع ،انقضت الندوة والطلاب تحت سحب الدخان الخانق ، ولكن البوليس واصل رمي الطلاب بالقنابل بصورة انتقامية واضحة ، وهنا استيقظت في الطلاب حاسة الدفاع عن النفس فحاصروا البوليس في لحظات في ركن ضيق حتى نفذت قنابله . وفي هذا الوقت اطلق البوليس الرصاص على الطلبة فاصاب القرشي برصاصة قرب عينه اليمنى وخر صريعاً في الحال وكذلك اصاب الرصاص بابكر، واستمر الضرب حتى الساعة الحادية عشر وواصل البوليس حصاره للجامعة رغم سقوط القتلى الجرحى على الارض .
في المستشفى
كانت الجثة بالمستشفى وكان ابارو وجماعته يتآمرون لاخذها سراً بعيد عن اعين الناس املاً في اخفاء الجريمة . ولكن اثناء نقل الجثة لحجرة التبريد صحبها الاخ جعفر حسين من ابناء القراصة بعيون مفتوحة ، وقد جرت بينه وبين سائق الاسعاف معركة حقيقية عندما حاول السير بطريق اخر ، اجبر جعفر السائق على الوقوف واصطف الطلاب في صفين حتى حجرة التبريد ، واستمر الطلاب في مكانهم حتى اشرقت الشمس .
حضر ابارو الى المستشفى وانكر اطلاق الرصاص على الطلبة .. ولكن الطبيب اليوغسلافي كان قد استخرج الرصاصة من راس القرشي!
من الاسبتالية وحتى ميدان عبد المنعم حمل الطلاب واساتذة الجامعة وجمع من المواطنين نعش الشهيد ، ومر موكبهم الحزين الغامض بشارع الاسبتالية حتى كبري الحرية وهنا انضم للموكب مجموعات كبيرة من طلاب المدارس وواصل الموكب المهيب حتى ميدان عبد المنعم وكان الى جانب اساتذة الجامعة يسير في الموكب السادة:
الدكتور احمد السيد حمد ، الاستاذ عبد الخالق محجوب ، الدكتور عبد الحليم محمد ، الدكتور عز الدين علي عامر والدكتور طه بعشر ومجموعة من المحامين ورجال القانون .
الترابي يحاول تهدئة الناس !
بعد صلاة الجنازة تحدث الدكتور الترابي وطلب من الناس التزام الهدوء وان يتفرقوا بسلام بعد ان ادوا الواجب ولكن تناول احد اساتذة الجامعة المايكرفون من الدكتور الترابي واخذ يهتف "يسقط عبود .. تسقط الديكتاتورية العسكرية" متجاوباً مع هتاف الجماهير ، ومن هذه اللحظة بميدان عبد المنعم انطلقت المظاهرات في كل مكان حتى في الاقاليم والمدن على السواء.
مقتطفات من بيان الحزب الشيوعي في اليوم التالي لمقتل القرشي
قال بيان الحزب الشيوعي الموجه لاعضاء الحزب: بالامس اعتدت العصبة العسكرية الآثمة على طلبة جامعة الخرطوم بعد ان اعتقلت عدداً من قيادتهم – بطريقة وحشية لم تشهدها بلادنا حتى ابان عهد المستعمرين.
ويمضي البيان قائلاً: ان الاحداث تثبت ان البوليس هو الذي قام بالاستفزاز بل ان النظام الراهن بأسره هو الذي خلق جو الاستفزاز منذ اعتدائه على استقلال الجامعة.
وقال البيان: ايها الرفاق: على الرغم من تكتم العصبة الرجعية على الانباء فإن ما وصل منها كان كافياً ليهز ضمير شعبنا فخرجت الجموع تودع مساء اليوم الشهيد احمد قرشي .
واستطرد البيان: ان النظام العسكري يعيش هذه الايام اقسى ساعاته ولكي ننتقم لدماء شهدائنا يجب:
اولاً: ان نعبئ قوى حزبنا استنكاراً لمجزرة جامعة الخرطوم وان ندفع المواطنين- وفي طليعتهم- للاستنكار بشدة على ذلك .
ثانياً: ان نجعل من دماء شهدائنا طريقاً تعبر به الجماهير الثورية في سبيل الخلاص من هذا النظام الآثم وذلك بالعمل في كل مدينة وفي كل مصنع ومؤسسة لاتحاد القوى الديمقراطية في البلاد من طلبة ومزارعين ومثقفين بهدف العمل لازالة النظام الراهن.
ثالثاً: ان يجري التقاء عاجل بين مندوبي القوى الديمقراطية من طلاب ومزارعين ومثقفين في كل ارجاء بلادنا لتنظيم اضراب عام احتجاجاً على مجزرة جامعة الخرطوم ومطالباً بعقوبة جميع المسئولين وبانتهاء هذا النظام الرجعي البغيض. 22/10/1964
موكب القضائية واعلان الاضراب السياسي
في اليوم التالي لحوادث ميدان عبد المنعم حيث تفجرت المظاهرات الشعبية بعد الصلاة على جثة القرشي- تم اجتماع رهيب بالقضائية شمل القضاة والمحامين- تمخض الاجتماع عن عريضة هامة تطالب بالتحقيق في حوادث الجامعة وتحديد مسئولية اطلاق الرصاص على الطلبة ، وتطالب بالحريات الديمقراطية.
البوليس يعترض الموكب
تحرك الموكب من امام مبنى القضائية متجهاً نحو القصر.. وفي اثناء سيره اعترضه البوليس، وامر احد ضباط البوليس بتفريق الموكب ولكن تصدى له السيد عبد المجيد امام، قاضي المحكمة العليا وامره بالانصراف فانصاع ضابط البوليس للامر وواصل سيره للامام.
الجيش يعترض الموكب
وبعد خطوات كانت قوات من الجيش تسد الطريق امام الموكب وتمنعه من مواصلة سيره .
اجتماع حاسم بالقضائية
عاد القضاة والمحامون وعقدوا اجتماعاً بالقضائية ناقشوا فيه القضية من جديد وبسرعة توصلوا لقرارهم التاريخي بالدعوة للاضراب السياسي العام ودعوة كل الهيئات لتنفيذه للاطاحة بالنظام العسكري.
اعلان الاضراب السياسي
خرج المحامون والقضاة الى الشارع من جديد وكان يزدحم بالجماهير الثائرة .. ووسط هذه الحشود من الجماهير اعلن السيد نقيب المحامين عابدين اسماعيل ، قرار الاضراب السياسي العام فقابلته الجماهير بالهتاف والتصفيق ، وبذلك ا نتقل القرار الى الجماهير التي ترجمته الى عمل اطاح بنظام 17 نوفمبر البغيض